الرد على القول بأن الواجب إنكار المنكر علانية كما كان ظهوره علانية |
الشيخ محمد بن عمر بازمول |
قال أحد المشايخ في مقاله(حقوق ولاة الأمر المسلمين النصح والدعاء لهم والسمع والطاعةفي المعروف): "وإذا ظهرت أمور منكرة من مسئولين في الدولة أو غير مسئولين سواءفي الصحف أو في غيرها فإن الواجب إنكار المنكر علانية كما كان ظهوره علانية".
| :السؤال |
قلت : هذا فيه نظر؛ لأن الصحابي راوي الحديث، أدرى بمرويه، وهو لم يفهم أن الإنكار يكون علانية إذا ظهر المنكر علانية!
عن شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيُّ، وَغَيْرُهُ، قَالَ: جَلَدَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ صَاحِبَ دَارَا حِينَ فُتِحَتْ، فَأَغْلَظَ لَهُ هِشَامُ بْنُ حَكِيمٍ الْقَوْلَ حَتَّى غَضِبَ عِيَاضٌ.
ثُمَّ مَكَثَ لَيَالِيَ، فَأَتَاهُ هِشَامُ بْنُ حَكِيمٍ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ هِشَامٌ لِعِيَاضٍ: أَلَمْ تَسْمَعِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا، أَشَدَّهُمْ عَذَابًا فِي الدُّنْيَا لِلنَّاسِ"؟
فَقَالَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ: يَا هِشَامُ بْنَ حَكِيمٍ، قَدْ سَمِعْنَا مَا سَمِعْتَ، وَرَأَيْنَا مَا رَأَيْتَ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ، فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً، وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ، فَيَخْلُوَ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ ".وَإِنَّكَ يَا هِشَامُ لَأَنْتَ الْجَرِيءُ؛ إِذْ تَجْتَرِئُ عَلَى سُلْطَانِ اللهِ، فَهَلَّا خَشِيتَ أَنْ يَقْتُلَكَ السُّلْطَانُ، فَتَكُونَ قَتِيلَ سُلْطَانِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى". أخرجه أحمد في المسند (الميمنية 3/ 403 - 404)، (الرسالة 24/ 48، تحت رقم 15333)، ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 154 تحت رقم 876)، وفي كتاب السنة (مع ظلال الجنة 2/ 273، تحت رقم 1098)، والطبراني في المعجم الكبير (17/ 367، رقم 1007)، ومسند الشاميين (2/ 99)، والحاكم في المستدرك (علووش 3/ 338، رقم 5320) وقال: صحيح الإسناد، وأبونعيم في معرفة الصحابة (15/ 286 الشاملة)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 32). والحديث قال في مجمع الزوائد (5/ 229): "قلت في الصحيح طرف منه من حديث هشام فقط - رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أنى لم أجد لشريح من عياض وهشام سماعا وإن كان تابعيا"اهـ وأورده (5/ 230) من طريق جبير بن نفير عن عياض بن غنم، وقال: "ورجاله ثقات وإسناده متصل"اهـ، وقال محققو المسند: "صحيح لغيره دون قوله: من أراد أن يَنْصَحَ لسلطان بأمرِ .. فحسن لغيره"اهـ، وصححه الألباني في ظلال الجنة (2/ 273 - 274).
فهذا هشام أنكر منكراً ظاهراً علناً، ومع ذلك راوي الحديث علمه أن هذا خلاف السنة.
و أفاد الحديث الإسرار في نصيحة صاحب السلطان.
وأنه لا يصح أن يقال: إذا كان المنكر من ولي الأمر أو نائبه علانية فإنه ينكر عليه علانية .
وليعلم أن باب معاملة ولاة الأمر، ليس هو باب معاملة أهل البدع والأهواء في الرد عليهم.
والله الموفق | :الجواب |